إيذاء الكفار للرسول والإسلام

مراحل جهاد الرسول لاعداء الإسلام

ان مواجهة الكفار و المشركين للرسول(صلى الله عليه وسلم) والدين الاسلامي الحنيف ذات مراحل ست:

المرحلة الاولى

الاستهزاء والاستخفاف بالدين

بُعث محمد نبياً في غار حراء ونزلت آنذاك اول آيات القرآن عليه، وأصبحت دعوته علنية بعد ثلاث سنوات من الكتمان والتستر في دعوة الناس إلى الدين الجديد.

كان المشركون والوثنيون يعتبرون هذا الدين خطراً على مصالحهم، لكنهم ما كانوا يأخذونه مأخذاً جدياً لذا بادروا إلى الاستهزاء بالرسول ونسبة الجنون اليه.

يقول الله في هذا المجال في الاية 6 من سورة الحجر:

قَالُوا يَا أيُّها الّذي نُزّلَ عَلَيْهِ الذّكْرَ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ

وكانوا يستهدفون من ذلك عدم اخذ الناس هذا الدين مأخذاً جدياً، وعدم الاعتناء والتصديق بكلام الرسول; إلاّ أنّ المسلمين رغم هذه الاتهامات كانوا يزدادون يوماً بعد اخر، وكان الناس وبخاصة الشباب منهم يصغون لكلام الرسول وينجذبون اليه، لذلك باءت مواجهتهم في هذه المرحلة بالفشل، وباتوا يفكرون بمواجهة أخرى ومرحلة أخرى من التصدي.

فأزداد إيذاء الكفار لمحمد وضربوه بالحجاره و كانوا يضعون على ظهرة أمعاء جمل ميت و هو يصلى و كانوا يخنقونة و هو يصلى و كان عقبة بن ابى معيط لعنه الله يفعل الكثير من الاضرار برسول الله و بصق على وجه النبى و مثلة مثل باقى قريش الذين تربصوا لرسول الله

———————————

المرحلة الثانية

نسبة السحر والشعر للرسول(صلى الله عليه وآله)

بما أنّ الكفار لم ينجحوا في الحد من تأثير الرسول على الناس، من خلال المرحلة الاولى من المواجهة، بادروا إلى التصدي له بنعته بالكذب والشعر والسحر. إنّ النسبة هذه تعني أنهم قالوا للناس: إنّ تأثير الرسول فيهم لأجل كونه – نعوذ بالله – ساحراً ذكياً وشخصية مرموقة ويجذب النفوس نحوه لعلمه بالشعر وامتهانه مهارة انشاده. ولو كان كلامه كلاماً عادياً ما كان يجذب الناس بهذه الشدة. يقول القرآن في هذا المجال في الاية 4 من سورة (ص):

وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذّابٌ

لم توفّر آلية المواجهة هذه جميع الاهداف التي كانوا يستهدفونها، وذلك لأن عدد المسلمين لا زال في تزايد مستمر والرجال والنساء والشباب والشيوخ لا زالوا يتوافدون على الرسول ليعلنوا الإسلام، وكان نتيجة ذلك ان بادر الكفار إلى تغيير اسلوبهم في المواجهة.

1. وقد تكررت هذه الإتهامات في آيات أخرى نقلا عن المشركين، وهي: الدخان: 14 والطور: 92، والقلم: 2، و51 والتكوير: 21. ويستفاد من آيات القرآن ان اول مواجهة يخوضها المشركون والكفار لرسول يبعث لهم هي نسبة الجنون إليه. وللمزيد يمكن مراجعة الايات التالية: الذاريات: 39 و52، الصافات: 36، الشعراء: 72، نوح: 9.

2. لقد كان لجيل الشباب دور فاعل في تمكن الإسلام وامتداده في بقاع الارض; وحالياً للشباب نفس الدور الذي كان للشباب في صدر الإسلام; فما دام الشباب في حضن الإسلام لا خطر يواجه هذا الدين.

3. ان هذه التهمة لم تختص برسولنا، بل شملت الكثير من الرسل حيث يقول الله في الاية 52 من سورة الذاريات: (كَذِلك ما أتَى الّذين مِنْ قَبْلِهِم مِنْ رَسُول إلاّ قَالُوا سَاحِرٌ مَجْنُونٌ) وقد جاءت آيات كثيرة من القرآن متناولة الموضوع ذاته.

———————————

المرحلة الثالثة

المحاصرة الاقتصادية وقطع العلاقات

إنَّ فشل أساليب التهم ونسبة الجنون وغيره إلى الرسول جعلت الكفار والمشركين يفكرون بالمواجهة العملية، لذلك فرضوا حضراً على المسلمين وحبسوهم في مكان يدعى (شعب ابي طالب)، فمنعوا التردد عليهم والتعامل معهم.

لقد صبر المسلمون مدة ثلاث سنوات في ذلك الشعب الخالي من الماء والكلاء، وتحملوا المشاكل التي واجهتهم آنذاك وثبتوا ولم تزل أقدامهم.

والمكان هذا رغم انه مشجر حالياً إلاّ انه معلوم بلشدة الحرارة ، والمسلمون آنذاك صمدوا وثبتوا، وقد قضى البعض نحبه هناك، رغم ذلك لم يستسلموا للاعداء.

وبعد تجييش عواطف اهالي مكة بادر البعض إلى فك الحصار عنهم شيئاً فشيئاً إلى ان فقد الحصار تأثيره وباءت جهود الكفار مرة أخرى بالفشل الذريع وما باتت هذه الآلية تجدي نفعاً.

———————————

المرحلة الرابعة

التدبير لاغتيال رسول الله

لقد شاهد المشركون من جانب فشل آليات التصدي للرسول والمسلمين ومن جانب اخر شاهدوا انتشار الدعوة الاسلامية بشكل سريع بين الناس وإدبارهم عن الاصنام; لذا فكروا باجراءات جدية وخطرة اكثر من ذي قبل وقد استهدفوا في هذه المرحلة شخصية الرسول(صلى الله عليه وسلم) ذاتها. فقد وجد زعماء قريش حلولا ثلاثة لمشكلتهم:

الأول : نفي الرسول(صلى الله عليه وسلم) خارج مكة حفظاً لمصالح الكفار في مكة.

الثاني: حبسه للحيلولة دون اتصاله بالناس والمسلمين.

الثالث: قتله.

1. ان الإسلام الذي بلغنا حالياً هو نتيجة للمشاق والزحمات والشهادات والتضحيات التي تحملها الاوائل، لذلك كان علينا لزاماً ان نسعى لحفظ هذا الدين بالقول والعمل .

نتيجة شوراهم كان قرار قتل الرسول في ليلة المبيت حيث حاصر أربعون شخصاً من شجعان العرب بيت الرسول(صلى الله عليه وسلم) ليقتلوه في صباح تلك الليلة.

اطّلع الرسول(صلى الله عليه وسلم)على مؤامرتهم بوحي الهي فامر الامام علي(رضى الله عنه) ان ينام في فراشه آنذاك، وخرج بشكل معجز من بيته قاصداً يثرب (المدينة)، إلاّ أنه تحرك خلاف اتجاه وطريق المدينة لخداع المشركين، وبعد ان اطلع المشركون على تملُّص الرسول قاموا بتعقيبه وتتبع خطواته، لكنَّ الله شاء بقدرته ان يصل الرسول المدينة بسلامة ليقيم اول حكومة اسلامية زادت من قدرة المسلمين وشوكتهم.

———————————

المرحلة الخامسة

الحروب المتوالية ضد المسلمين

بعد ما نجع الكفار من النيل من شخصية الرسول(صلى الله عليه وسلم) سلكوا طريق المواجهة المسلحة، وذلك لعدم نجاح آليات الحرب النفسية التي سلكوها ضد المسلمين لردهم عن دينهم وللحد من توسع رقعة الإسلام.

إنّ الإسلام يهدد سلطة الكفار ومصالحهم; ولاجل القيام بمهمة المواجهة العسكرية هموا في البداية اعداد رجال مكة ثم رجال القبائل الاخرى لبدء سلسلة حروب عسكرية متوالية ومتواصلة كانت معركة (بدر) البداية ومعركة الاحزاب هي الذروة.

لقد استفاد كفار قريش في معركة الاحزاب من جميع ما توفر لهم من امكانيات وقوى، وكما يبدو من اسمها فان جميع قبائل العرب وطوائفهم اجتمعوا واعدوا انفسهم للنزال ضد الإسلام ولقتل الرسول ورجال المسلمين وللإغارة على اموالهم ولهدم بيوتهم، وسبي نسائهم والقضاء على الإسلام في النهاية.

تشير الآيتان 9 و 10 من سورة الاحزاب إلى هذه المرحلة من المواجهة: ( يَا أيُّها الّذِيْنَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللِهِ عَلَيْكُم إذْ جَاءَتْكُم جُنُودٌ فأرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيْحَاً وجُنُودَاً لَم تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ  )

1. الاصطلاح يطلق على الليلة التي نام فيها الامام علي(رضى الله عنه) مكان الرسول(صلى الله عليه وسلم) ليموّه على خروج الرسول من بيته.

2. بعد الاحزاب كانت معارك أخرى الا انها ليست بمستوى الاحزاب من حيث الاهمية.

إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا
(الأحزاب10)

إنّ هذه الايات أهل للتأمل من حيث أنها تكشف عن معاناة المسلمين في صدر الإسلام.

وحسب هذه الآيات، فإنّ العَدُو حاصر المدينة مِنْ جميع الجهات، وقد بلغت اعدادات الاعداء وعدتهم إلى مستوى جعلت أبصار المؤمنين تزيغ، وقلوبهم تبلغ الحناجر; وذلك لأن المسلمين قليلون وعدتهم محدودة وأسلحتهم بسيطة ، وهذا هو السبب في نفوذ الرعب والخوف في قلوب ضعاف الايمان من المسلمين حيث كانت عبارات التزلزل والشك تدور في اذهانهم وقد يكون المسلمون جميعاً باستثناء الرسول(صلى الله عليه وسلم) وعدة قليلة من المسلمين تزلزلوا إيماناً. فان ضعيف الإيمان يتزلزل عند مواجهته لأزمة شديدة، عكس قوي الايمان حيث يقوى ايمانه ويزداد ثباته عند مواجهة الأزمات والمشاكل.

إنّ معركة الاحزاب كانت ساحة للإختبار لتمييز المؤمنين الحقيقيين عن غيرهم من ضعاف الايمان والمترددين في إيمانهم. إنّ نهاية هذه المعركة كان لصالح المسلمين ولم تحصل مواجهة واراقة دماء الا في مورد واحد، حيث قتل الإمام علي (رضى الله عنه) عمرو بن ود.

عسكر الاعداء ابتلي باعصار شديد، ولشدته كانت تقلع خيامهم من اماكنها وتقلب قدور الطعام، كما سادهم خوف واضطراب وخيبة امل اجبرت أبا سفيان وغيره من زعماء الكفر على الرجوع كالجيش الخاسر، وبذلك تحقق وعد الله بنصر المؤمنين تارة أخرى، ونجى المؤمنون من خطر كبير كان يهدد وجودهم ودينهم، فكان نصراً للمسلمين اضفى عليهم قدرة وعظمة جعلت مكة وضواحيها لا تفكر بعدئذ بحرب مع المسلمين. ولاجل هذا استسلمت بعد فترة من الزمن مكة واهاليها ليصبح الإسلام القوة الوحيدة في بلاد الحجاز.

———————————

المرحلة السادسة

اللجوء إلى اخطر سلاح (النفاق)

رغم انتكاسة الاعداء في حرب الاحزاب وخسرانهم الحرب آنذاك، ورغم ما ترتب على هذه الانتكاسة من عدم تفكيرهم بعدئذ بدخول حرب مع المسلمين، إلاّ أنّ ذلك ما كان يعني تركهم لمعارضة الإسلام ومخالفته. إنّ الأعداء، اثر ادراكهم فشل وسائل المواجهة السابقة

واقرارهم بذلك، بدأوا يفكرون بوسيلة ناجحة وفضلى للتخريب والدمار، وما كانت وسيلتهم الجديدة إلاّ النفاق.

إنّ الأعداء خسروا الحرب مع المسلمين، وهو أمر جعلهم في النهاية يستسلمون ويفتضحون إلاّ أنهم لم ينسوا حربهم مع الإسلام وعدائهم له، وقد تستروا في هذه المرحلة من المواجهة بنقاب النفاق وانتظروا يترصدون الفرصة للنيل من الإسلام وانزال الضربة القاصمة فيه. والآية الشريفة الأولى من سورة المنافقين ناظرة إلى هذه المرحلة من المواجهة

إذا جاَءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنّكَ لَرَسُولُ اللهِ والُله يَعْلَمُ إنّكَ لَرَسُولُه واللهُ يَشْهَدُ إنّ المُنَافِقِينَ لكَاذِبُونَ
.

وبهذا الشكل تشكّل تيار النفاق ليصبح تدريجياً كالسيل الجارف، وظاهر هذه الآية وايات أخرى هو أنّ النفاق بدأ من المدينة. لكن هذا لا يعني أنّ مكة كانت تخلو من النفاق والمنافقين، فقد يملك البعض قدرة حدس وتخمين المستقبل وفكراً سياسياً قوياً، وكان من خلال ذلك قد رأى النصر النتيجة الحتمية لنشاطات الرسول(صلى الله عليه وسلم)

أضف تعليق