الرد على : حبس المرأة حتى الموت

وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (النساء 15).

وَاللَّاتِي : اسم موصول لجماعة الإناث ، وذلك خاص باكتفاء المرأة بالمرأة .

وماذا يقصد بقوله : فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة ؟

إنه سبحانه يقصد به حماية الأعراض ، فلا يلغ كل واحد في عرض الآخر ، بل لا بد أن يضع لها الحق احتياطا قوياً ، لأن الأعراض ستجرح ، ولماذا ((أربعة)) في الشهادة ؟

لأنهما اثنتان تستمتعان ببعضهما ، ومطلوب أن يشهد على كل واحدة اثنان فيكونوا أربعة ، وإذن حدث هذا ورأينا وعرِفنا وتأكدنا ، ماذا نفعل .؟

قال سبحانه : ((فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ)) أي احجزوهن واحبسوهن عن الحركة ، ولا تجعلوا لهن وسيلة التفاء إلى أن يتوفاهن الموت ((أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا )) وقد جعل الله .

والذين يقولون : إن هذه المسألة خاصة بعملية بين رجل وامرأة ، نقول له : إن كلمة ((واللاتي)) هذه اسم موصول لجماعة الإناث ، أما إذا كان هذا بين ذكر وذكر ففي هذه الحالة يقول الحق سبحانه :

وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا {النساء/16}

الآية هنا تخص بلقاء رجل مع رجل ، ولذلك تكون المسألأة الأولى تخص المرأة مع المرأة ، ولماذا يكون العقاب في مسألة لقاء المرأة بالمرأة طالباً للمتعة هو الإمساك في البيوت حتى يتوفاهن الموت ؟ لأن هذا شر ووباء يجب أن يحاصر ، فهذا الشر معناه الإفساد التام ، لأن المرأة ليست محجوبة عن المرأة ، فلأن تحبس المرأة حتى الموت خير من أن تتعود على الفاحشة . ونحن لا نعرف ما الذي سوف يحدث من أضرار ، والعلم مازال قاصراً ، فالذي خلق هو الذي شرع أن يلتقي الرجل بالمرأة في إطار الزواج وما يجب فيه من مهر وشهود . وسبحانه أعد المرأة للأستقبال ، واعد الرجل للإرسال ، وهذا امر طبيعي .

فقول الحق سبحانه :

وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (النساء 15).

فالمقصود بـ ((نسائكم)) هنا المسلمات ، لأننا لا نشرع لغيرنا ، لأنهم غير مؤمنين بالله ، وطلب الشهادة يكون من أربعة من المسلمين ، لأن المسلم يعرف قيمة العرض والعدالة … أما في اليهودية او المسيحية فحدث ولا حرج ففضائح المعمودية وزيت الميرون دمرت القيم والمباديء فالكل عراه ، هذا ولم نخفي على حضراتكم ما يحدث بالقبلة المقدسة داخل الكنائس والكل يُقبل بعضه من رجال على نساء .

وقد عرفنا في العصر الحديث هذا التشريع ولكن بمسمى آخر وهو الحجر الصحي الذي نضع فيه أصحاب المرضى والعدى . وهناك فرق بين من أصبن بـ (مرض معدٍ) ومن أصبن بـ (العطب) .

فإن كنا نعزل أصحاب المرض المعدي فكيف لا نعزل اللاتي أصبن بالعطب ؛ لذلك يقول الحق (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) . أي أن تظل كل منهما في العزل إلى أن يأتي لكل منهن ملك الموت .

عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” خذوا عني خذوا عني: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم “.


مصادر التشریع والأدلة التفصيلية للفقه الإسلامي فهي القرآن والسنة

قال الله تعالى :- فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً .. النساء 59

جاء التشريع بعد ذلك فصفى قضية الحدود إلى أن البكر بالبكر جلد.. والثيب بالثيب رجم. وبعض من الناس يقول: إن الرجم لم يرد بالقرآن.

نرد فنقول: ومن قال: إن التشريع جاء فقط بالقرآن؟ لقد جاء القرآن معجزة ومنهجا للأصول، وكما قلنا من قبل: إن الحق قال:

{ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ }
[الحشر: 7].

وبعد ذلك نتناول المسألة: حين يوجد نص ملزم بحكم، قد نفهم الحكم من النص وقد لا نفهمه، فإذا فهمنا فله تطبيق عملي في السيرة النبوية.

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت بالنص فقط ولكن جاء بالعمل نفسه، فالأسوة تكون بالفعل في إقامة الحد؛ لأن الفعل أقوى من النص، فالنص قد يوجد ولا يطبق لسبب كالنَّسْخ للحكم مثلا، أما الفعل فإنه تطبيق، وقد رجم الرسول ماعزا والغامدية ورجم اليهودي واليهودية عندما جاءوا يطلبون تعديل حكم الرجل الوارد بالتوارة. إذن فالفعل من الرسول أقوى من النص وخصوصا أن الرسول مشرع أيضاً.

راجع :- وضاعة النساء وسوء استخدامهن


الإمام / محمد متولي الشعراوي

 

 

 

أضف تعليق